قال الامام عمر بن ذر
" اللهم إنا قد أطعناك في أحب الأشياء إليك أن تطاع فيه وهو الايمان بك والاقرار بك، ولم نعصك في أبغض الأشياء أن تعصي فيه وهي الكفر والجحود بك .. اللهم فاغفر لنا بينهما "
أستغفر الله العلي العظيم ... وختاما لي ولكم أدعوعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله
قال:
أتاني جبريل فقال: يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناسرواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني
أن تتجرد من أغلال الدنيا والقرب من الناس فإن في ذلك عزك ،،
أن تنزع عنك ما علق بتلابيبك من تبعية البشر فإن في ذلك عزك لا تكن كالنجم تدور في فلك الناس تبتغي الوصال وتكاد تشعر بمفارقة الأرواح للأجساد والحياة من القلوب وكالعاجز عن السير إن هم غابوا ،،
فليس الغنا إلا بمفارقة الشئ لا بهولست أقصد أن تعيش في بوتقة وببرج عاجيّ ناءٍ عن الناس فهذا منافي لقول الله عز وجل "
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " الحجرات13
وقول رسوله العظيم
إِنّ المُسْلِمَ إِذَا كَاَنَ يُخَالِطُ النّاسَ وَيَصْبُر عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ المُسْلِمِ الّذِي لا يُخَالِطُ النّاسَ ولا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُم . أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر
ولكن ابتغي منهم الوصال
كعونا لك على القرب إلى الله وليس الدنو بهم منه، ابتغي الوصال دون الوقوع في المنهي عنه من رب العزة جل في علاه
"
ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله .... " البقرة 165
فإما المحبة في الله أو
التفرد في الله والاستغناء عنهم حتى نكون من المؤمنين حقا " والذين آمنوا أشد حبا لله ..." البقرة 165
كِل الأمر لله وترفع عن الطلب من غيره ودعك من الناس، وحين يصبح الأمر متعلقا بأمر من أمور الدنيا و سبب قضائها لدى الغير من البشر كسببية لمشيئة الله ،، فلا تكن كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولُ
إلجأ إلى الله مع الأخذ بالأسباب ولكن مع يقين بأن التوفيق من عند الله فلا يكون هناك نزوحاً نحو التذلل والخضوع لغيرهونتيجة ذلك
عدم الشعور بالحزن على ما فات ولم يتحقق له المراد ،
والشعور بالإستكانة والطمأنينة في القلب لأن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك ما كان ليصيبك
ومهما فعلت من حزن لن يكن المرتجي وما أصابك من ذل لم يكن ليعطيك غير ما كتبه الله لكعن ابن عباس قال: ما انتفعت بكلام أحد بعد النبي
إلا بشيء كتب به إلي علي بن أبي طالب فإنه كتب إليّ:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد يا أخي، فإنك تسر بما يصير إليك مما لم يكن ليفوتك، ويسوءك ما لم تكن تدركه، فما نلت من الدنيا فلا تكن به فرحا، وما فاتك منها فلا تكن عليه حزينا، وليكن عملك لما بعد الموت والله ما أجملها من كلمات لو عقلناها وطبعناها بالقلوب لكانت لنا الراحة والطمأنينة من الركض في الدنيا طلبا ولكن أين العقلاء !..
النفس تبكي على الدنيا و قد علمت ** أن السـعادة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ** إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنها ** و إن بناها بشر خاب بانيـهالا تذلوا أنفسكم في الجد بالطلب والتهافت على التحصيل بل اطلبوا طلباً رفيقاً بعزة نفس وعدم تذلل للميول فإن ما قدر سيكون وما لم يقدر لم يكن، فلا فائدة في الانهماك إلا إذاية الجسم وكثرة الهم
ليتك تحلو والحياة مريرة.... وليتك تصفو والأنام غضاب
وليت مابيني وبينك عامر.... ومابيني وبين العالمين خراب
ان صح منك الود فالكل هيّن .. وكل الذي فوق التراب تراب وختاما لي ولكم أدعو
[center]
قال أبو الحسن الشاذلي حين ناجى مولاه
يا من شكا إليه يعقوب فخلصه من حزنه ورد عليه بصره وجمع بينه وبين ولده ... يا من ناداه نوح فنجاه من كربه ... يا من ناداه زكريا فوهب له ولدا من صلبه بعد يأس أهله وكبر سنه ... يا من علم بما نزل بإبراهيم فأنقذه من نار عدوه ... ونجى لوطا وأهله من العذاب النازل بقومه
ينطلق العباد يشكون ويبثون في مجالسهم الآم والالتجاء للناس متناسين رب الناس الذي لديه الملتجأ والمسكن والمأوى والفرج متناسين خطابه جل في علاه"
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِين َ* قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ" الأنعام 63 - 64
متجاهلون أمر الله عز وجل"
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ " غافر60
ولنا في الأنبياء قدوة حسنة
دعى نوح عليه السلام الذي ظل محتفظا بالأمل في اسلام أهله وظل يدعهم قرابة ال 950 عاما" وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ** إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً " نوح 26 – 27
فكان قضاء الله فيما أوحى به لعبده ونبيه الكريم
" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ** وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ "
هود 36 - 73
وأيوب عانى البلاء وقاسى شدته صابرا ومحتسبا واحتمل ثم دعا ربه" وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ " ص41
" وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " الأنبياء83
فقال الله له: " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" ص: 42
وموسى في بعثته لقومه وما لهم من عناد ومكابره جاءت الأمثلة كثيرة وكثيرة
فحين جاء موسي رجل ناصحا قائلا" وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ "
القصص20
قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول:
" فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " القصص21
وحين دعا ربه أن يشد عضده بأخيه قال" رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي" القصص: 33-34
قال الله له: " سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ " القصص: 35
كما دعا ربه قائلا
" وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ** قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ" يونس 88 - 89
" وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ{41} تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ{42} لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ{43} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44} " سورة غافر
فاستجاب له الله وقال" فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ" غافر {45}
" فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون** قَالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ " الشعراء61
وهنالك دعا زكريا ربه، وناداه نداءً خفياً، فقال: " قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا"
مريم: 4-5-6
قاستجاب له الله " فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ" آل عمران39
ويونس عليه السلام " وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" الأنبياء87
فاستجاب له الله " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" الأنبياء 88
"
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ "
" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " الأنبياء 89 - 90
وخير الأنبياء وخاتمهم سيدنا محمد أخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وأبو عوانة وابن حبان وابن المنذر وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال:
حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال
"كنت مع النبي
في الغار، فرأيت آثار المشركين فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا تحت قدمه. فقال: يا أبا بكر،
ما ظنك باثنين الله ثالثهماوفي رواية أخرى أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فأنزل الله سكينته عليه}
قال: على أبي بكر رضي الله عنه لأن النبي
لم تزل السكينة معه.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
دخل النبي
وأبو بكر غار حراء، فقال أبو بكر للنبي
: لو أن أحدهم يبصر موقع قدمه لأبصرني وإياك. فقال "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ يا أبا بكر إن الله أنزل سكينته عليك وأيدني بجنود لم تروها".
وأخرج الخطيب في تاريخه عن حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه {فأنزل الله سكينته عليه} قال: على أبي بكر رضي الله عنه، فأما النبي
فقد كانت عليه السكين
حين لجأ الى غار حراء مع الصديق رضي الله عنه وقال له ما ظنك باثنين الله ثالثهما
وجائت البشري في قول الله تعالي" إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" التوبة40
فيا من أكرمك الله ببشريتك ألا توجهت إلى الله تشكو إليه وتناجيه وأنت أفقر إليه من أنبيائه الذين اصطفيقد تتسائل في نفسك من أنا لأدعو ويستجاب لي ... ولكن ... ألم يكن الأحرى أن ينقي الله أنبيائه من مصائب وأهوال الدنيا ويبسط لهم الهناءة والعيش السعيد ..
إنما لنا فيهم أسوة حسنة علنا نعتبر ونتعظ فنلتجأ ونعلم أن لنا رب كبير
إذا كبرت الحاجات فليس بعزيز ولا بكثير عليه أن يعطيإن كثرت المصائب ليس بالصعب عليه أن يرفعها ويبدلهاوختاما لكم ولي قبلكم أقول
فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا......فأبذله للمتكرم المفضال[center]
إن القرآن هو أصل من أصول الإسلام ييسـر للقلب أنوار الحكمـة قبل تمكن الأهواء منها
يا الله إن شعـر المرء بحلاوته لترك الدنيا وما فيها لهـرع له ولم ولن يزل للمعصية أبدا
فو الله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وهو يعلو ولا يعلى عليهإنه المنهج والدستور .. إنه الخلق الكريم لسيد البشر أجمعين سيدنا وحبيبنا محمد
فقد أخرج البخاري في الادب المفرد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال: قلنا لعائشة، كيف كان خلق رسول الله - - ؟ قال: كان خلقه القرآن. ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنون {قد أفلح المؤمنون} فقرأ حتى بلغ العشر فقالت: هكذا كان خلق رسول الله - القرآن هذه المعجزة الربانية التي لم تضاهي أية معجزة للسابقين من الأنبياء و الرسل .. معجزة عقلية وليست حسية
معجزة مستمرة إلى يوم القيامة لن تنتهي بمشيئة الله ليست كمثل معجزات السابقين من الأنبياء التي انتهت بانتهاء زمانهم لا يراها إلا من عاصرهاإنه
المنهج والدستور القويم الذي لا يضل أبدا من سار في هداه ..
إنه الحكم الذي ارتضاه رب البرية لعباده لكمال الإيمان
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65
إنه الكتاب الذي
حفظه الله عن دونه من الكتب السماوية وصانه عن التحريف وأيده منهجا تشريعيا خالدا لكل زمان ومكان
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
إنه
النور الذي ارتضاه الله عز وجل للبشرية فأنعم عليهم به
{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام122
( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِناَ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) "الشورى 52"
( قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَىالنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. ) (المائدة15-16)
انه النور والهدى الذي لا ضلال بعده ولا هلاك إن تمسكنا به ،، كيف لا وهو حبل الله ألقاه إلى البشرية ليخرجهم من الظلمات إلى النورأخبرني أبي بمكة نا محمد بن يزيد العدل نا الحسن بن سفيان نا ابن أبي شيبة نا أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر عن المقبري: عن أبي شريح الخزاعي قال: خرج علينا رسول الله
فقال:
(أبشروا وأبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قالوا: نعم قال: فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا )فيا من قرأت القرآن ألا تتدبرت ما تقرأ والله تعالى يقول {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24
{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً }الفرقان73
يا أيها القارئ له
هل حفظت حدوده أم ضيعتها ،، هل
خررت عند آية الوعيد وهل فرحت واستبشرت بما جاء من وعد ونعيمففي الموطأ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال لإنسان: "
إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن، وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون فيه الصلاة ويقصرون الخطبة، يبدون فيه أعمالهم قبل أهوائهم .....
وسيأتي علي الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه، تحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع فيه حدوده، كثير من يسأل، وقليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة، ويقصرون الصلاة، يبدون فيه أهوائهم قبل أعمالهم"
صاح بالصحابة واعظ {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ } فجزعت للخوف قلوب فجرت للحزن عيون .. رمى " الصديق " ماله حتى ثوبه على " المدكر " وقال عثمان: ليتني إذا مت لا أبعث، وصاح " علي " بالدنيا: طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك وقد كانت تكفي واحدة لكنه كيلا يتصور الهوى جواز المراجعة وطبعه الكريم يأنف من المحلل، وقال: " أبو الدرداء ": ليتني كنت شجرة تعضدأنت تسمع القرآن لكن لا كما سمعوه سمعوه بكل الخوف والخشوع والرهبة والأمل والرجاءأواه ما هذا التقصيــر فيك يا عمري القصير ما هذا السبات والتنعيم فيكِ يا دنيا الفناء ألا نحمد الله على أن لغتنا العربية وتيسر القراءة لنا به ، أما سمعنا وتدبرنا قول الله عز وجل
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً }مريم97
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }الدخان58
{ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }الفرقان32كتاب الله عز وجل العزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
من ابتغى العلم في غيره أضله الله ومن ولي هذا الأمر من جبار فحكم بغيره قصمه اللهوهو النور المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل وهو الذي سمعته الجن فلم تأباها أن قالوا: {إِنّا سَمِعنا قُرءاناً عَجَباً يَهدي إِلى الرُّشدِ فَأَمَنّا بِهِ} لا يخلق على طول الرد ولا تنقضي عبره ولا تفنى عجائبهأفلا نقرأه وندبــر آياته ونتشبه برسولنا الكريم قولا وفعلا وعملا بل ونطقا ،
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ{16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ{17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ{18} القيامة
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5نعم ان هذا القرآن لهو كبيرا وثقيلا مهيبا وشديدا كيف لا وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
ترى هل انشغلنا بالقرآن عن ملذات الدنيا أم أشغلتنا هي عنه ، والله تعالي يقول في الحديث القدسي
(من شغله القرآن عن ذكري ومسئلتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين). هل قرأنا وتدبرنا ووعينا وحفظنا أم نسينا فسننسى كما توعد الحق سبحانه وتعالى {قالَ كَذَلِكَ أَتَتكَ ءَاياتُنا فَنَسَيتَها وَكَذَلِكَ اليَومَ تُنسى}
فيا اخوة الاسلام {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ }آل عمران103
تمسكوا بالقرآن والعمل بما فيه وبيان ذلك في قوله عليه السلام:
(إن هذا القرآن سببه طرفه بيد الله عز وجل وطرفه بأيديكم فتمسكوا به ما استطعتم)فاقرأوا القرآن وابدبروا آياته ولا تكونوا كما ذكرت عليه آيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا
وختاما ،، لي ولكم أدعو
يا منـــزل الآيــات والفرقــــــان
بينــي وبينــــك حرمـــة القــرآن
إشرح به صدري لمعرفة الهدى
واعصم به قلبي من الشيـطان
اللهم ان أصبت فمنك ، وان أخطأت فمن نفسي والشيطان فاغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين
واستغفر الله العظيم لي ولكم [/center]